responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1061
وهدوء خاطر، لاسيما وقد علم أن وسائل الإعلام المعارِضة، وفتاوى العلماء المعارضين، تحث المقتول ألاّ يحمل بيده أية وسيلة للمقاومة، وإن أَمرتْه بالدفاع عن نفسه فعلى استحياء! إن هذا منطق عجيب! وهدير الدماء لا يتوقف، فهل مثل هذا تبيحه قواعد الشريعة؟
نعم إن من قُتل بفتوى عالم وَثِقَ بعلمه، فهو شهيد يناله الأجر إن شاء الله. أما أن يستمر الأمر متمادياً بهذا الدأْب فهذا مما لا ينبغي السكوت عليه، ثم حتّام نقارع بالصدور العارية، حتى نُثبت أننا سِلْميُّون، أَفَبَعْد أن يقتل نصف السوريين؟!.
وقد كنت قد كتبت بياناً بشأن الثورة السورية، بعد عشرين يوماً من اندلاعها، أي في أوائل شهر نيسان، نوَّهت فيه بالتأكيد على هذا الجانب، حيث أراه من الأهمية بمكان، وأرسلت البيان إلى قناة "وصال" لكن لم يتيسر نشره.
ثم إن مَن حولي ممن يؤيد الثورة السورية رغب إلي حينها ألاّ أبوح بهذا الرأي، ذلك أن الثورة ينبغي - في رأيهم - أن تبقى سلمية. فنزلت تحت رأي هؤلاء، مُتَبَذِّلاً عما يَعْتمل في نفسي، لكني غير مقتنع برأيهم ولا برأي من رافأَهم من إخواني من العلماء السوريين ممن يؤيد الثورة، ويلتزم بهذا الرأي أيضاً.
وما زلتُ نَشِطاً ومستطرَحاً تحت أتون هذا الصراع الجدلي، في احتراب نفسي داخلي: هل أعلن بحقيقة رأيي، مُفْصِحاً عن ملابسات هذا الحكم الفقهي، أو ألتزم رأي المخالفين، رغبة في تفادي ما يحذرون بزعمهم.
لكني - وبعد مَهَل من الأمر - استخرت الله تعالى، ثم حَفَزْتُ رأيي على البيان الناصع، متحملاً مسؤوليته أمام الله تعالى؛ لوقف هدير هذه المجازر، أو تقليلها، على حد مُفاد هذه القاعدة " ما لا يتأتَّى كله فليُسْتَدرك جُلُّه " مبيناً ذلك في المناطات التالية:
أولاً- من البعد عن السداد بل من منابذة الحكمة مناطحة الحديد والنار بالصدور العارية، فإن في هذا مظنة تعريض النفوس للقتل، أو سَوْقها للقتل المحتَّم، بشكل رخيص، إذ هو بدون مقاومة، فهذا غير جائز، وقد بينت فيه الدليل آنفاً. أما لو حملَ السلاح، أو استعَدَّ بأية وسيلة ناجعة، للدفاع عن نفسه، ثم قاتل حتى قُتِل فهو المطلوب شرعاً, وكذا لو لم يَحْمِل السلاح، غير أنه قام مع غيره بمظاهرات سلمية، لكن في البلاد التي تتقبَّل ذلك، كما يجري في الاحتجاجات الناشبة في دول الغرب مثلاً، وقريب منه ما جرى في تونس ومصر، فهذا حميد ناجع رشيد، مهما طال أمده، لأن وسيلته ناجعة، ولا خطر فيها على الأنفُس.
ثانياً- إن استعمال وسائل الدفاع عن النفس، واعتماد أسلوب المقاومة، فيه اختصار كثير من الجهد وبذل الدم، فهو على نهج ما جاء في قوله تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" البقرة 179. إذ لولا الخوف من القصاص لاستحرَّ القتل وسالت الدماء دون رادع.

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1061
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست