responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 557
هذا يكثر عليك ويكون سنة يأخذ بها من بعدك, فقال: أنا لا أقيد، وقد رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقيد من نفسه, قال: فدعنا فلنرضه، قال: دونكم فأرضوه، فافتدى منه بمائتي دينار كل سوط بدينارين [1]، وإن لم يرضوه لأقاده [2] - رضي الله عنه -.
وجاء رجل من أهل مصر يشكو ابن عمرو بن العاص واليه على مصر قائلا: «يا أمير المؤمنين, عائذ بك من الظلم، قال: عذت معاذا، قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين.
فكتب عمر إلى عمرو رضي الله عنهما يأمره بالقدوم ويقدم بابنه معه، فقدم فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط فاضرب فجعله يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الأكرمين، قال أنس: فضرب، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه، فما رفع عنه حتى تمنينا أن يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري،: ضع على صلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد استفيت منه، فقال عمر لعمرو: مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ قال: يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني [3].
فانظر إلى هذه المواقف الرائعة لعدالة هذه الأمة، رجل من عامة الناس وفي رواية أنه ذمي من أقباط مصر، يتظلم فيعطى حقه ويقاد من ابن الأمير, يجاء به وبأبيه ليعطي الرجل حقه وينصف, ثم انظر إلى الحاضرين من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كيف أحبوا ذلك وأيدوه «فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه» لا تشفيا منه ولا شماتة بعمرو وابنه، فالقوم فوق ذلك وأبعد ما يكونون عن التشفي والشماتة، ولكنهم جيل أحب العدل وعاشه وتربى عليه على يد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لذا فهو يبغض الجور ولا يحب رؤيته في الأمة ولو كان رجلاً مخالفًا لها في عقيدتها ودينها وشرعها، ويفرح أشد الفرح لرؤية العدالة ترمي بجذورها في أعماق الأمة ليؤخذ حق ضعفائها وأتباعها من أقويائها [4].

[1] الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 293 - 294)
[2] أقاده: اقتص منه.
[3] انظر: فتوح مصر والمغرب لابن عبد الحكم: 225، 226.
[4] انظر: وسطية أهل السنة بين الفرق، ص170.
نام کتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 557
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست