نام کتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا نویسنده : محمد خلدون مالكي جلد : 1 صفحه : 367
الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي مقدمة:
ابتلي العالم الإسلامي منذ العقد الثالث من القرن التاسع عشر، بالاستعمار الأوروبي الذي أدى إلى تفتيت العالم الإسلامي لدويلات صغيرة، ومستعمرات خاضعة له، يستنزف كل إمكانياتها ومواردها ويجعلها مجرد سوق لتوزيع منتجاته التي تضخمت بعد الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا فيما يمكن أن نسميه بعصر الوفرة الإنتاجية.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، وضع الاستعمار آلية لضمان السيطرة على العالم الإسلامي، وهذه الآلية تعتمد في المقام الأول على غرس بذور الفرقة بين المسلمين، وبدأ يتعامل بنظرية الانتقاء والاختيار فهذا سُّني وهذا شيعي، وهذا صوفي وهذا سلفي، مستهدفاً بذلك تحويل المسلمين إلى مجموعات مذهبية متنافرة، كما شجع الاستعمار الحركات المضادة للعمل الإسلامي كحركة القومية العربية التي تعد القطب المعارض، لأية حركة إسلامية، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يتزامن ظهور فكرة القومية العربية في أواخر القرن التاسع عشر مع ازدياد التدخل الأجنبي في البلاد الإسلامية.
وإزاء المؤامرة الاستعمارية التي نسج الغرب الأوروبي خيوطها ضد العالم الإسلامي لم يقف المسلمون مكتوفي الأيدي، بل ظهرت حركات تدعو لوحدة المسلمين، وبذلت جهود حميدة في سبيل توحيد العالم الإسلامي، ونبذ أسباب الفرقة بين وحداته السياسية والجغرافية والمذهبية، وأول هذه الجهود في العصر الحديث هي الجهود التي بذلها جمال الدين الأفغاني [1] في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، بناء على دعوة السلطان عبد الحميد إلى إنشاء الجامعة الإسلامية من أجل التصدي لحركات الفكر القومي التي سادت العالم الإسلامي ومزقت وحدته في ذلك الوقت، وقد أصدر الأفغاني ومحمد عبده جريدة العروة الوثقى [2] خصيصاً [1] انظر ترجمة جمال الدين الأفغاني في فهرس التراجم رقم (30). [2] عمائم وطرابيش لسعيد اللاوندي: ص 259 - 280.
نام کتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا نویسنده : محمد خلدون مالكي جلد : 1 صفحه : 367