نام کتاب : تهافت العلمانية في الصحافة العربية نویسنده : البهنساوي، سالم علي جلد : 1 صفحه : 218
[2] - وقد أورد الجصاص أمثلة أخرى عن الأخذ بالإجماع على حكم ورد بالقرآن غير معين المراد منه، كقول الله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [1]. فقال: «اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ القَوَدَ حُكْمٌ لِبَعْضِ المَقْتُولِينَ ظُلْمًا فَالوَاجِبُ بِأَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ القَوَدَ مُرَادٌ بِالْآيَةِ».
ويسمى قودًا لأن الجاني يقاد إلى أولياء المقتول، فإن شاءوا قتلوه أو تصالحوا على شيء أو عفوا عنه.
3 - كذلك قول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [2]. حدد مراد الله فيه قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ» [3].
والحكم أن ما سقي من غير جهد من الإنسان فزكاته هي العشر، وغيره الزكاة فيه هي نصف العشر والإجماع على ذلك.
هذا والقول بإجماع الصحابة على تخصيص الآيات القرآنية لا يراد به أن إجماعهم في ذاته هو الحجة ولو خالف القرآن، فالدليل المخصص هو سند الإجماع حسبما ورد في الأمثلة السابقة.
• القِيَاسُ وَالاِجْتِهَادُ البَشَرِيُّ:
ليس كل حكم مصدره القياس هو من اجتهاد البشر ووضعهم بالتالي يكون غير مفروض، فتوجد أحكام من هذا النوع التي يكون مصدرها المصالح المرسلة وتسمى المناسب المرسل، لأن علة الحكم فيها لم يرتب الشارع حكمًا بموجبها بل هي مرسلة لا يوجد دليل باعتبارها أو بإلغائها، مثل وضع الخراج على الأراضي الزراعية.
ولكن الأحكام التي يكون مصدرها القياس الجلي وهو الذي يدل فيه النص على علته فلا تحتاج إلى اجتهاد بشري مثل تحريم الخمر الوارد في القرآن الكريم، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» [4]. بهذا يأخذ حكم الخمر وهو التحريم لكل مسكر من السائل أو الجامد، ولا يمكن أن يقال إن النبيذ المسكر والذي لا يسمى خمرًا قد حرم باجتهاد بشري ويكون غير ملزم إلا إذا قبله الناس. [1] [الإسراء: 33]. [2] [الأنعام: 141]. [3] رواه البخاري والجماعة إلا مسلم. [4] رواه مسلم.
نام کتاب : تهافت العلمانية في الصحافة العربية نویسنده : البهنساوي، سالم علي جلد : 1 صفحه : 218