نام کتاب : سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة نویسنده : الأنصاري، فريد جلد : 1 صفحه : 53
كانا على تمام النعمة في الجنة، أَكْلاً وشُرْباً ولباسا. فقوله تعالى: (ولا تعرى) دال على أنه عليه السلام كان يتمتع بلباس الجنة هو وزوجه. قال القرطبي في تفسير هذه الآيات: (فأعلمه أن له في الجنة هذا كله: الكسوة والطعام والشراب والمسكن) [1]. وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ({إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى}: إنما قرن بين الجوع والعري؛ لأن الجوع ذل الباطن، والعري ذل الظاهر) [2]. وقوله (ولا تضحى) أي لا تتعرض لحر الشمس. فهو في ظلالها وجمالها.
فصرح القرآن العظيم بعلة وسوسة الشيطان لآدم وزوجه؛ أنها الرغبة في تعريتهما التعرية التامة! حتى تظهر لهما سوءاتهما، فيريان ذلك من أنفسهما معا! وليس أبعد في المنكر والخزي من أن يتعرى الإنسان، ويكشف عن عورته على ملأ الناس! إذن تمسخ طبيعته التي فطر عليها، من رتبة الإنسانية إلى دَرَك البهَمِيَّة، كما هي معظم شوارع هذا الزمان وتلفزيوناته! صحيح أن آدم وزوجه إنما كانا وحيدين في جنسهما آنذاك. إذ هما أول الخلق البشري. ولكن قصة آدم إنما كانت لوضع أصول التربية الفطرية للإنسان، والعهد إليه بميثاقها.
فالشيطان سعى قصدا لنقض هذه المقاصد، وتعرية الإنسان وتطبيعه على التعري، وخرق الحياء كقيمة إنسانية. ولذلك قال عز وجل في سورة الأعراف مبينا: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ. فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ [1] الجامع لأحكام القرآن: ج 11/ 253 [2] مختصر تفسير ابن كثير للصابوني:3/ 168. طبعة دار الفكر بيروت.
نام کتاب : سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة نویسنده : الأنصاري، فريد جلد : 1 صفحه : 53