فأتت به أيوب، فقال من أين لك هذا، وأنكره، فقالتك خدمت به أناسا، فلما كان الغد لم تجد أحداً فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضا وحلف لا يأكله، حتى تخبره من أين لها هذا الطعام، فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأي رأسها محلوقاً، قال في دعاءه: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [1] فلما كان ذات يوم أبطأت عليه، فأوحي الله إلي أيوب في مكانه {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [2] أي اضرب الأرض برجلك، فامتثل ما أمر به، فأنبع الله له عينا باردة الماء، وأُمر أن يغتسل فيها ويشرب منها، فأذهب الله عنه ما كان يجد من الألم والأذى والسقم والمرض الذي كان في جسده ظاهراً وباطناً، وأبدله الله بعد ذلك كله، صحة ظاهرة وباطنة، وجمالا تاما، فجاءت فلم تجده، فاستبطأته، فتلقته تنظره، وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان فلما رأته، قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى، فوالله القدير علي ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحاً؟ قال: إني أنا هو .. فعوض الله صبرهما خيراً، وأبدلهما بعد الشقاء والعناء الراحة والسعادة، وأخلفهما الولد، وأعطاهما المال الكثير، قال: - صلى الله عليه وسلم - (بينما أيوب يغتسل عريانا، خر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في [1] سورة الأنبياء _ الآية82. [2] سورة ص _ الآية 42.