نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 98
أن يكون الإنسان مسلما للّه بينما هو يتلقى من غير اللّه في شؤون الحياة وبينما هو يخضع لغير اللّه ويستنصر بغير اللّه، ويتولى غير اللّه!
ها هو ذا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يواجه هؤلاء المشركين، ليبين لهم مفرق الطريق بين دينه ودينهم، وبين توحيده وشركهم، وبين إسلامه وجاهليتهم. وليقرر لهم: أنه لا موضع للقاء بينه وبينهم، إلا أن يتخلصوا هم من دينهم ويدخلوا في دينه. وأنه لا وجه للمصالحة في هذا الأمر لأنه يفترق معهم في أول الطريق! وها هو ذا يبدأ معهم مشهد الإشهاد العلني المفتوح المكشوف: «قُلْ: أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً؟» .. أيّ شاهد في هذا الوجود كله هو أكبر شهادة؟ أي شاهد تعلو شهادته كل شهادة؟ أي شاهد تحسم شهادته في القضية فلا يبقى بعد شهادته شهادة؟
وللتعميم المطلق، حتى لا يبقى في الوجود كله «شيء» لا يستقصى وزنه في مقام الشهادة: يكون السؤال: «أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً؟».
وكما يؤمر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بالسؤال، فهو يؤمر كذلك بالجواب. ذلك أنه لا جواب غيره باعتراف المخاطبين أنفسهم. ولا جواب غيره في حقيقة الأمر والواقع: «قُلِ: اللَّهُ» .. نعم! فاللّه - سبحانه وتعالى - هو أكبر شهادة .. هو الذي يقص الحق وهو خير الفاصلين .. هو الذي لا شهادة بعد شهادته، ولا قول بعد قوله. فإذا قال فقد انتهى القول، وقد قضي الأمر.
فإذا أعلن هذه الحقيقة: حقيقة أن اللّه سبحانه هو أكبر شهادة، أعلن لهم أنه - سبحانه - هو الشهيد بينه وبينهم في القضية: «شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» .. على تقدير: هو شهيد بيني وبينكم، فهذا التقطيع في العبارة هو الأنسب في جو المشهد: وهو أولى من الوصل على تقدير: «قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ».
فإذا تقرر المبدأ: مبدأ تحكيم اللّه سبحانه في القضية، أعلن إليهم أن شهادة اللّه سبحانه، تضمنها هذا القرآن، الذي أوحاه إليه لينذرهم به وينذر به كل من يبلغه في حياته - صلى الله عليه وسلم - أو من بعد.
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 98