نام کتاب : هل يعتبر الفراعنة بمصرع من سبقهم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 75
«وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ» .. فما لهذا المتاع حقيقة ذاتية، إنما يستمد قوامه من الغرور الخادع كما أنه يلهي وينسي فينتهي بأهله إلى غرور خادع. وهي حقيقة حين يتعمق القلب في طلب الحقيقة. حقيقة لا يقصد بها القرآن العزلة عن حياة الأرض، ولا إهمال عمارتها وخلافتها التي ناطها بهذا الكائن البشري. إنما يقصد بها تصحيح المقاييس الشعورية والقيم النفسية، والاستعلاء على غرور المتاع الزائل وجاذبيته المقيدة بالأرض. هذا الاستعلاء الذي كان المخاطبون بهذه السورة في حاجة إليه ليحققوا إيمانهم. والذي يحتاج إليه كل مؤمن بعقيدة، ليحقق عقيدته ولو اقتضى تحقيقها أن يضحي بهذه الحياة الدنيا جميعا.
ومن ثم يدعوهم إلى السباق في ميدان السباق الحقيقي، للغاية التي تستحق السباق. الغاية التي تنتهي إليها مصائرهم، والتي تلازمهم بعد ذلك في عالم البقاء: «سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ، وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ. ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ. وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» ..
وعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} , فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ قَسْحَمٍ: بَخٍ بَخٍ , فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ: وَبَخٍ عَلَى وَجْهَيْنِ عَلَى التَّعَجُّبِ , وَعَلَى الْإِنْكَارِ , فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:» مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ: بَخٍ بَخٍ «؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , عَلِمْتَ أَنِّي إِنْ دَخَلْتُهَا كَانَ لِي فِيهَا سَعَةٌ. قَالَ:» أَجَلْ «, ثُمَّ إِنَّ ابْنَ قَسْحَمٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَهَا؟ قَالَ:» أَنْ تَلْقَاهَا وِلَاءَ الْقَوْمِ فَتَصْدُقُ اللَّهَ «, قَالَ: فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ , وَقَالَ:» تَخَلَّى مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا , ثُمَّ تَقَدَّمْ «. فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ» (1)
فليس السباق إلى إحراز اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر بسباق يليق بمن شبوا عن الطوق، وتركوا عالم اللهو واللعب للأطفال والصغار!
إنما السباق إلى ذلك الأفق، وإلى ذلك الهدف، وإلى ذلك الملك العريض: «جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ» .. وربما كان بعضهم في الزمن الخالي - قبل أن تكشف بعض
(1) - الجهاد لابن المبارك (ص: 68) (77) صحيح مرسل
نام کتاب : هل يعتبر الفراعنة بمصرع من سبقهم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 75