وكما أوصى الإسلام برعاية الابنة؛ فإنه أمر بذلك لكل أنثى، سواء كانت زوجة أم أمّاً؛ بل وأكد على رعاية حقوقها حتى في حال العبودية، ففي حديث الثلاثة الذين يؤتيهم الله أجرهم مرتين ذكر - صلى الله عليه وسلم - ((الرجل تكون له الأمة، فيعلمها فيحسن تعليمها، ويؤدبها فيحسن أدبها، ثم يعتقها فيتزوجها، فله أجران)). (1)
وأما المرأة حين تكون أمّاً فللإسلام معها شأن آخر، فلئن كانت النصوص التي تأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما كثيرة في القرآن والسنة؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدَّم حق الأم على حق الأب، فاعتبرها أحق العالمين بحسن صحبة الابن وأولى الناس ببره وإحسانه، فقد جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((ثم أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((ثم أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((ثم أبوك)). (2)
وأما الزوجة فهي شريكة الرجل في بيته، تشاركه السراء والضراء، وما فتئ النبي يوصي بها مرة بعد مرة، حتى إذا اجتمع أمامه مائة ألف من أصحابه في حجة الوداع قام فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ((ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم [أي مثل الأسيرات عندكم] .. ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً)). (3)
وما زال - صلى الله عليه وسلم - يوصي بحق المرأة، ويحذر الرجل من الاغترار بقوته وظلمها والإضرار بها، فيشهد الله على تأكيده على حقها وبراءته ممن آذاها: ((اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة)). (4)
والزوجة درة مصانة، لا يلزمها أن تكدح وتشقى بالعمل لتضمن مكاناً لها في بيت الزوجية، فهذا ليس من واجباتها ولا هو متناسب مع أنوثتها وطبيعة مهمتها السامية في إدارة بيتها وتربية أبنائها وإعطائهم حقهم من الحنو والرعاية ((كلكم
(1) أخرجه البخاري ح (3011).
(2) أخرجه البخاري ح (5971)، ومسلم ح (2548).
(3) أخرجه الترمذي ح (1163)، وابن ماجه ح (1851).
(4) أخرجه ابن ماجه ح (3678)، وأحمد ح (9374).