ووفق هذه الحيثية فإن حسن الخلق أوسع باب يوصل إلى الجنة، ولما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: ((تقوى الله وحسن الخلق)). (1)
إن صاحب الخلق الحسن ليس في الجنة فحسب، بل هو في أعلاها، ففي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أنا زعيمٌ ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)). (2)
وأعلى الجنة هو جزاء الله للأنبياء، فينعم صاحب الخلق الحسن برفقتهم كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني في الآخرة محاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة مساويكم أخلاقاً، الثرثارون المتفيهقون المتشدقون). (3)
وهذه الأهمية للأخلاق تنبع من كونها جزءاً من الإيمان، فلا يكمل إيمان المسلم إلا بالتزامه بها، ولا يزهر إيمانه إلا بمقدار ما يتحقق فيه منها، فإذا نقصت أخلاق المرء نقص إيمانه، وإن زادت زاد، يقول أنس بن مالك: ما خطبنا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قال: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)) [4]، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)). (5)
وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق)). (6)
(1) أخرجه الترمذي ح (2004)، وابن ماجه ح (4246)، وأحمد ح (9403)، والبخاري في الأدب المفرد ح (289)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب ح (2642).
(2) أخرجه أبو داود ح (4800)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب ح (2648).
(3) أخرجه أحمد ح (17278)، وحسنه الألباني في الصحيحة (2/ 379) بشواهده. [4] أخرجه أحمد ح (11975).
(5) أخرجه البخاري ح (13)، ومسلم ح (45).
(6) أخرجه الترمذي ح (1962)، قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: "صحيح لغيره" ح (2608).