الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدًى من ربهم وأولئك هم المفلحون} (لقمان: 4 - 5)، ووعدهم بالجنة جزاء عليها: {والذين هم على صلواتهم يحافظون - أولئك هم الوارثون - الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} (المؤمنون: 9 - 11).
وما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصي بالصلاة لله وعبادته حتى فاضت روحه إلى باريها، يقول خادمه وصاحبه أنس: كان آخر وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُغرغر بها في صدره، وما كان يفيض بها لسانه: ((الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)). (1)
وحين شرع الله الصلاة وغيرها من العبادات؛ فإنه تبارك وتعالى لم يكن يستكثر بها من قلة، ولا يستقوِ بها من ضعف، فهو عز وجلّ لا تزيده طاعة الطائعين، ولا تنقصه معصية العاصين، وإنما شرعها لمنفعة العباد وتزكية أنفسهم وتهذيب ضمائرهم وتقويم سلوكهم وصلاح دنياهم وأخراهم.
وأول ما تحققه الصلاة في المؤمن أنها تنير حياته وتؤنسها بذكر الله، فقد وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها نور، فقال: ((من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة)). (2)
وقال: ((والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء)). (3)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((والصلاة نور)) معناه: أنها تمنع المصلي من المعاصي، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر، وتهديه إلى الصواب كما النور الذي يستضاء به.
فأما اجتناب المسلم للكبائر من الذنوب والفواحش، فسببه أن الصلاة تذكره - فينة بعد فينة -بحق الله عليه وبمراقبته له، فيرعوي وينزجر عن محارمه،
(1) أخرجه أبو داود ح (5156)، وابن ماجه ح (2698)، وأحمد ح (586)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2698).
(2) أخرجه أحمد ح (6540)، وابن حبان في صحيحه ح (1467)، ووثق الهيثمي رجاله في مجمع الزوائد (1/ 292).
(3) أخرجه مسلم ح (223).