خاتمة:
وهكذا يتبين الحق لكل منصف، فمن قبِل هبة الله التي تبينت له؛ شرح الله صدره للإسلام {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نورٍ من ربه} وأما من قسى فلبه وكبُر عليه الإذعان للحق، فنصيبه تمام الآية: {فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلالٍ مبينٍ} (الزمر: 22).
وبعد، ما الذي يمنع المرء من الولوج في الإسلام، أيشينه أن يعبد الله وحده، وأن يكون على دينه الذي بشر به الأنبياء وارتضاه الله لعباده ديناً.
ما بال بعضنا -في القرن الواحد والعشرين -يفضل ميراث الآباء وإلفِه على الحق الذي آمن بصدقه عقله؟
إن الكثيرين من العقلاء قد سبقوا إلى هذا الحق فاعتنقوه، منهم النجاشي رحمه الله، ملك الحبشة الذي عرض عليه الصحابة الإسلام فقال: يا معشر القسيسين والرهبان، ما يزيد ما يقول هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه، مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، والذي بشّر به عيسى ابن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه. (1)
لكم أشرق الإسلام في صدور أناس؛ فأخرجهم الله به من ضيق الصدر وضنك الدنيا وقتامة الحياة إلى رحابة الدنيا وسعادتها ونعيم الآخرة، ولكم تنكب طريق الحقيقة آخرون، فعاشوا في ضيق الدنيا واستحقوا أيضاً عذاب الآخرة {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} (الأنعام: 125).
إن الإسلام بما أوتي من حق وبصيرة ووضوح يملأ الكون بهديه القويم، وتشير الدراسات والإحصاءات إلى أنه أكثر الأديان انتشاراً رغم الضعف الذي ينتاب الأمة الإسلامية عموماً، ورغم الحملات المسمومة التي ما فتئت تفتري على الإسلام
(1) أخرجه أبو داود ح (3205)، وأحمد ح (4836) وابن أبي شيبة ح (36640).