إنها الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعاً، فتقيم بينهم العدل والقسط، وتضع لهم الموازين والقيم، فتبدي فيهم رأيها، فيكون هو الرأي المعتمد، وتزن قيمهم وتصوراتهم وشعاراتهم، فتفصل في أمرها، فتقول هذا حق منها وهذا باطل، لا التي تتلقى من الناس تصوراتها وقيمها وموازينها، وهي شهيدة على الناس، وفي مقام الحكم العدل بينهم، وبينما هي تشهد على الناس هكذا، فإن الرسول هو الذي يشهد عليها، فيقرر لها موازينها وقيمها، ويحكم على أعمالها وتقاليدها، ويزن ما يصدر عنها، ويقول فيها الكلمة الأخيرة. وبذلك تتحدّد حقيقة هذه الأمة ووظيفتها لتعرفها، ولتشعر بضخامتها، ولتقدر دورها حق قدرها، وتستعد له استعداداً لائقاً، وإنها لَلأمة الوسط بكل معاني الوسط، سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط بمعنى الاعتدال والقصد، أو من الوسط بمعناه المادي الحسي [1] . [1] في ظلال القرآن، سيد قطب، المجلد الأول، الجزء 2، صفحة 131، دار الشروق، الطبعة العاشرة، القاهرة 1982 م، وفيه شرح مستفيض لآية الوسطية.