سعد - رضي الله عنه -: نزلت هذه الآية فيّ: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [1]، وقد جعل الله سعداً مستجاب الدعوة لدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم استجب لسعد إذا دعاك)) [2].
الصورة الثامنة: صبر أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها:
ومن ذلك ما فعلته أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان؛ أم المؤمنين رضي الله عنها، وذلك أن أباها قدم من مكة إلى المدينة يريد أن يزيد في الهدنة بينه وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلما دخل على بنته أم حبيبة رضي الله عنها وذهب ليجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طوته دونه، فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت امرؤ نجس مشرك، فقال: والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر [3]، قلت: والله لم يصبها إلا قوة الإيمان ومحبة الله ورسوله، فقدَّمت محبة الله ورسوله على محبة والدها المشرك ولم ترضَ أن يجلس المشرك على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرضي الله عن أم المؤمنين؛ فإنها لم تأخذها في الله لومة لائم، وهذا من أعظم الحكم.
والصحابة - رضي الله عنهم جميعاً - رجالاً ونساءً، كانت أعمالهم وحياتهم، ومماتهم لله لا يريدون، ولا يرغبون إلا ما يرضيه - تعالى - [1] سورة لقمان، الآية: 15. [2] الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، 5/ 649، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 3/ 498، وسنده صحيح. انظر: سير أعلام النبلاء، 1/ 111. [3] انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، 4/ 306، وعزاه بإسناده إلى ابن سعد. وانظر أيضاً: التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، 3/ 135.