المعصية غير محقق، والنفش المسوقة بلذة المعصية قلما تخلص عمل الخير، والقلب الملوث بالشهوات يستحيل أن يخلص العمل الصالح إذا كثر عليه الرَّان من تتابع الذنوب وتشبعه بها، والعبد مطالب بترك الشر كله، وتركه الشر يدفعه إلى عمل الخير من تلقاء نفسه؛ فإذا تاب العبد من الكذب فلا يصح أن يقيم على الزنا أو الكِبْرِ مثلاً؛ بل عليه إذا تاب من هذه الخصلة أن ينجرَّ إلى غيرها، حتى يقتلع جميع الجذور الشريرة من قلبه.
ثم اعلم - أرشدني الله وإياك إلى الخير - أن على كل عضو من أعضاء الإنسان توبة؛ فتوبة العين كفُّها عن النظر إلى المحارم، وتوبة اليد كفُّها عن تناول المحرَّم، وتوبة السمع كفُّه عن سماع المحرم، وتوبة الفرج كفُّه عن الزنا وهكذا.
وأن يستدرك العبد ما فاته فيؤدي كل فرض ضيَّعه ويرد إلى كل ذي حق حقه من المظالم، ويشغل البدن الذي استعمله في السُّحت والحرام بطاعة الله تعالى وامتثال أوامره والتغذي بالحلال، والبُعْدِ عن مواطن الشُبهات والحرام.
اللهم إنا نسألك توبةً صادقةً وإنابةً كاملةً وعملاً صالحًا متقبلاً يا رب العالمين.