نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 490
• حصاد الغضب:
قلة الحلم وكثرة الغضب آفتان عظيمتان، إذا انتشرتا في مجتمعٍ ما قوَّضَتَا بُنيانه، وهدَمَتا أركانه، وقادتا المجتمع إلى هوة سحيقة، ونخَرتا كما ينخر السوس في جسد المجتمع المسلم حتى يؤدي به إلى الهلاك والعياذ بالله.
ألسنا نرى ضياع المجتمعات الإسلامية، واندثار آدابها وكثرة الخلافات بين دولها وشعوبها فساعد ذلك على تقطيع الأواصر والروابط، وإشاعة أجواء التباغض والتدابر والتحاسد وإظهار الشماتة على الأمة المسلمة من قبل أعدائها.
انظروا مثلا إلى الحالات المتعددة والمنتشرة للطلاق أو ما يكون بين الزوجين من شقاق، مما أدى إلى التفريق، وهدم البيوت، وتفويض الأسر، أليس ذلك في الغالب نتيجة من الغضب وقلة الحلم؟
حيث ترى الزوج بعد ذهاب غضبه يندم ولاتَ ساعةَ مَنْدَم، ويتأسف على ما مضى، ويرى أنه قد جنى على نفسه بالحرمان وعلى زوجته بالعقوبة ولا ذنب لها، ويَتَّمَ أولاده وهو لم يزل حيًّا ثم يبحث لنفسه عن المعاذير، ويقلب في الفتاوى لدى المفتين لمحو غلطة ارتكبها دون تفكير أو روية، أو تدرُجٍ في التأديب، مما تسبب في هدمٍ كان بإمكانه علاجه لو ملك عقله، وأشهر حلمه، وكف غضبه.
وقد يغضب الإنسان غضباً شديداً فيعاقب أبناءه بما يندم عليه، أو يموت منه كمداً، وإن من نتائج الغضب وثمراته أنك ترى إخوة من أب واحد يختلفون فيما بينهم لأتفه الأسباب فيعمل الغضب فيهم عمله فيتعادون ويتقاطعون، فيتبدد بذلك شمل الأسر وتراهم يتسابُّون ويتشاتمون وقد أخذهم الغضب كل مأخذ.
بل أحيانًا يقتل المسلم أخاه أو زوجته نتيجة الغضب.
قال أحد السلف: ما تكلمت في غضبي قط بما أندم عليه إذا رضيت.
وقال بعض الحكماء لابنه: «يا بني لا يثبُتُ العقلُ عند الغضب كما لا تَثْبُتُ روحُ الحي في التَنَانِير المسجورة، فأقل الناس غضباً أعقلهم». (التَنّور: الفرن يُخبَزُ فيه).
نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 490