نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 235
الجنيه المصري يُصرَف بخمسة مجيديات عثمانية وبضعة قروش، على حين تُصرف الليرة الذهبية الرشادية بخمسة مجيديات فقط. وقد رددنا إليه بعد أربع سنوات كل ما دفعه إلينا، بل أكثر منه، من حصة في أرض في صَحْنايا في الغوطة الجنوبية ورثتها أمي عن أخوالها من آل الجلاّد، دفعتُها أنا إليه لمّا كنت في مصر. لكن يبقى له الفضل، فله منا الشكر ومن الله حسن الأجر، رحمه الله.
والذي أعاننا وكان يحمل الأثقال عنا ويمدّ يده في كل ضيق إلينا، بجهده لا بماله، هو ابن خالتي الشيخ طه الخطيب. وقد فرّقَت الأيام ما بيننا، فمن قرأ هذا الذي أكتبه عنه فليبلغه إياه ليعلم أن المعروف لا يُنسى.
وانقطعنا عن الناس؛ أعني أن الناس انقطعوا عنا، الذين كانوا كل يوم في زيارتنا والذين كانوا يُمضون شطر نهارهم في دارنا، حتى إن عمَّيّ -رحمهما الله وسامحهما- جاءا في يوم عيد فزارا جاراً لنا غنياً داره لصق دارنا، وهي التي تسدّ مطلع الشمس علينا، وما طرقا بابنا. لا أقول هذا تشهيراً ولا تشفّياً، بل شكراً لله على أنْ أغنانا عنهما وعن غيرهما، وكتب علينا أياماً عِجافاً لتكون تدريباً لنا وتمريناً، ونزداد بها علماً بالأيام وطاقة على خوض غمرات الحياة.
* * *
لقد فتحت الآن صفحة جديدة في سِفْر حياتي: كنت لا أعرف حمل التبعات فحملتها قبل أن يقوى عاتقي على حملها، وكنت أحسّ أني فرع من أصل فصرت أصلاً (أو كالأصل) لفروع.
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 235