نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 212
والأوسط والحديث، والجغرافيا الطبيعية والسياسية والاقتصادية، والكيمياء المعدنية والعضوية، والفيزياء وعلم الحيوان والنبات، والجبر والمثلثات والهندسة المسطحة والفراغية والنسبية، وسائر العلوم. فضلاً عن الفرنسية التي كنا ندرسها كما يدرسها الفرنسيون في بلادهم: المناهج هي المناهج والكتب هي الكتب.
سهرنا الليالي الطوال نكتب ما يجده الطلاب اليوم مطبوعاً أجمل طبع موضّحاً بالصور والخرائط، في كتب تُوزّع عليهم (هنا في المملكة) بلا ثمن.
* * *
ولقد شهدت في السنة الأولى من مكتب عنبر شيئاً لم أرَ مثله من قبل. رفض الطلاب يوماً الدخول إلى غرف الدراسة وعمّ الهرج والمرج والصياح، وأنا مثل الأطرش (أي الأطروش) في الزفّة [1]، يرى ولكن لا يسمع ما يُقال. وأنا أرى وأسمع ولكن لا أفهم ما القصة! رأيت حركة: ناس يدخلون وناس يخرجون، ورجال يأتون إلى المدرسة يحاولون تهدئة الطلاب ثم يرجعون.
وكنت صغيراً مبتدئاً فلم أدرِ ما الذي يجري، ولم أسأل لأني -من تلك الأيام- متوحّد منفرد، لا أعرف أحداً من الطلاب الكبار لأسأله ورفاقي الصغار مثلي لا يعرفون. ثم فهمنا أن الثورة قد نجحت وأن المدير قد ذهب، وتولّى الإدارةَ المفتش العامّ للمعارف في سوريا، المربّي الكبير، أستاذنا في السلطانية الثانية [1] الزفّة عربية فصيحة، والأطرش والأطروش عربية مولَّدة.
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 212