مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجالِ)) [1].
قد تقدّم شرح بعض كلمات هذا الدعاء، مثل ((عذاب النار، وعذاب القبر، فتنة الدجال)) في دعاء رقم (55)، ورقم (83)، ورقم (151).
أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة من هذه الأمور الأربعة؛ لأنها أشد الشرور في الدنيا والآخرة؛ ولهذا أمر - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة منها، وقد بيَّنا سابقاً أن الدعاء الذي فيه أمر من النبي آكدَ من غيره من الأدعية، وكان - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ منها في دبر كل صلاة لشدة خطورتها.
عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: ((كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يتعوّذ في دبر كل صلاة من هذه الأربع)) [2].
وأمرنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - التعوذ (من الفتن ما ظهر منها وما بطن): لأنها في غالب سبب هتك الحُرَم، وسفك الدماء، ونهب الأموال، ومع هذا فهي أعظم الأسباب في الوقوع بالإثم، ولهذا سأله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أنه إذا أراد بقوم فتنة أن يتوفاه غير مفتون [3].
وأرشدنا إلى أن نقول ذلك، وندعوه به، ففي ذلك دليل على أن ((خطبها عظيم، وإثمها وخيم، وعقابها جسيم، وفيه دليل على أن [1] انظر: مسلم، كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها، برقم 2867، وفيه: ((تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَاب النَّار)) ... ، [تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَاب الْقَبْر ... ] إلى آخره. [2] رواه الإمام أحمد في المسند، 4/ 496، برقم 2778، والطبراني في الكبير، 12/ 166، برقم 12779، وعبد بن حميد، ص 234، وصححه إسناده الأرناؤط، 4/ 496، وحسن إسناده الألباني في صحيح أبي داود أثناء تعليقه على الحديث رقم 904. [3] انظر شرح هذا الدعاء، رقم (89).