فدلّ هذا الأدب الجليل على استجماع مراتب العبودية للَّه تعالى الظاهرة والباطنة.
* صفة رفع الأيدي حال الدعاء:
عن عكرمة، عن ابن عباس رَضْيَ اللَّهُ عنْهُمَا مرفوعاً وموقوفاً: ((المسألة: أن ترفع يديك حذو منكبيك، أو نحوهما، والاستغفار: أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال: أن تمدّ يديك جميعاً))، وفي رواية: ((والابتهال هكذا: ورفع يديه، وجعل ظهورهما مما يلي وجهه)) [1].
وقال العلامة بكر أبو زيد رحمه اللَّه معلقاً على هذا الحديث: ((وقد جاءت الأحاديث من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مُبيِّنة مقام كل حالة من هذه الصفات الثلاث، لا أنها من اختلاف التنوع فلينتبه، وبيانها كالآتي:
المقام الأول: مقام الدعاء العام، ويسمى المسألة، ويقال الدعاء: وهو رفع اليدين إلى المنكبين، ونحوهما: ضاماً لهما، باسطاً لبطنهما نحو السماء، وظهورهما إلى الأرض ... وهذه هي الصفة العامة لرفع اليدين حال الدعاء مطلقاً ...
المقام الثاني: الاستغفار، ويقال للإخلاص: وهو رفع إصبع واحدة، وهي السبابة من اليد اليمنى، وهذه الصفة خاصة بمقام
الذكر والدعاء حال الخطبة على المنبر، وحال التشهد في الصلاة، [1] سنن أبي داود، كتاب الوتر، باب الدعاء، 1/ 553، برقم 1491، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 1489، و1490.