فعلى هذا فعطف الأعلى عليه للتأكيد, وقال الطيبي: المراد بأحدهما العلوّ الحسّي, وبالآخر العلوّ المعنوي, وقال ابن حبان: أي ((الفردوس وسط الجنة في العرض, (وأعلى الجنة) يريد به في الارتفاع)) [1].
قلت: قول الطيبي، وكذلك قول ابن حبان هو الصحيح؛ لأنه كما هو معلوم أن لعطف يفيد المغايرة, والأمر الثاني: ((أن التأسيس مقدم على التأكيد)) [2].
لأن فيه زيادة للمعنى، وهذا هو الأصل.
وقول ابن حجر رحمه اللَّه: أن معنى الأوسط: الأعدل، والأفضل فصحيح، إذا لم يقر معه لفظ يغايره كما هنا, ومما يدل على ذلك, ما جاء عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - , عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا)) [3].
والربوة - بالضم والفتح-: ما ارتفع من الأرض [4]، فغاير بين رفعتها مكاناً، وبين ((أوسطها وأفضلها)) مكانة، أي علوّ شأنها وقدرها. [1] انظر الفتح، 6/ 17, وصحيح ابن حبان، 7/ 64 برقم 4592. [2] انظر هذه القاعدة في: قواعد الترجيح للحربي، 2/ 473. [3] أخرجه أحمد، 21/ 280، برقم 13741، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المؤمنين، برقم 3174، والطبراني في المعجم الكبير، 7/ 213، برقم 6885، وبنحوه البزار، برقم 4649، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2536، وفي صحيح الجامع، برقم 7852. [4] النهاية، ص 344.