الْخَاسِرِينَ} [1]، ولا يخفى حسن ترتيب هذا الحديث، حيث قدّم الاعتراف بالذنب، ثم الوحدانية، ثم سؤال المغفرة؛ فإن الاعتراف بذلك أقرب إلى العفو والثناء على السيد بما هو أهله، وأرجى لقبول سؤاله.
قوله: ((إنك أنت الغفور الرحيم)): إنك أنت مشعر بالتعليل، أي اغفر لي، وارحمني لأن من دعاك يا ربنا، ولجأ إليك، وسألك المغفرة والرحمة، تغفر له وترحمه؛ لأنك كثير المغفرة، وكثير الرحمة بنا يا ربنا، فتضمّن هذا الدعاء الجليل توسلين عظيمين:
1 - توسل بظلم النفس بتقصيرها وضعفها، وهو من التوسّلات الجليلة التي يحبها اللَّه - عز وجل - كما سبق.
2 - توسّل بأسماء اللَّه تعالى الحسنى، ولا يخفى بحسن الختام مقابلةً في السؤال والطلب فـ (اغفر لي) مناسب (للغفور)، و (الرحيم) مناسب لـ (وارحمني)، وهو مناسب ما أمر اللَّه تعالى به في الدعاء
بأسمائه الحسنى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [2].
قال الكرماني: هذا الدعاء من الجوامع؛ لأن فيه الاعتراف بغاية التقصير، وطلب غاية الإنعام، فالمغفرة بستر الذنوب ومحوها، والرحمة إيصال الخيرات [ولا شك، ولا ريب أن رحمة اللَّه صفة [1] سورة الأعراف، الآية: 23. [2] سورة الأعراف، الآية: 180.