((لا يكنْ تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجباً ليأسك، فهو الذي ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، وفي الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد)) [1]؛ لأنه تعالى هو أحكم الحاكمين، وهو أرحم الراحمين، فهو أرحم بك من نفسك، فالعبد لا يعرف المصلحة: هل في حصول مطلوبه بالسرعة، أوفي تأخيره، أو دفع بلاء آخر لا يدريه، أو ادخار الأجر في اليوم الآخر، وليجعل أمام عينيه في حال دعائه وسؤاله ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان سعة فضل اللَّه، وعظيم إحسانه وإنعامه، وخيره الذي لاينفد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يَدُ اللَّهِ مَلْأَى، لَا يَغِيضُهَا [2] نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ [3] اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ ... )) [4].
ولعلّ الحكمة في المنع من ذلك:
1 - أن هذا القول يدل على تضجر قائله وملله، وهذا يؤدي إلى انقطاعه عن الدعاء، وتركه لأهمّ العبادات وأجلّها. وقد أشير إلى هذا في الحديث بقوله: ((فيستحسرعند ذلك ويدع الدعاء)). [1] الدعاء ومنزلته من العقيدة، 1/ 185. [2] أي: لا ينقصها. [3] أي: دائمة الصب، تصب العطاء صباً، لا ينقصها العطاء الدائم. [4] صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}، 9/ 122، برقم 4684، وصحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف، 2/ 69، برقم 993.