فهذا الدعاء المبارك لا شيء أجمع وأنفع منه؛ لأنه لم يُبقِ من خير في الدنيا والآخرة، إلا وقد سأله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يُبقِ من شر في الدنيا والآخرة إلا وقد استعاذ منه - صلى الله عليه وسلم -، فمن سأل اللَّه - عز وجل - من خير ما سأله منه نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقد سأل الخير كله على اختلاف أنواعه ما عُلم منه وما جُهل، ومن استعاذ من شرّ ما استعاذ منه نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقد استعاذ من الشرّ كله على اختلاف أنواعه [1] ما علمه العبد، وما لم يعلمه، وهذا من جوامع الكلم.
قوله: ((وأنت المستعان)): بضمير الفصل، الذي يفيد كما تقدم التأكيد، والحصر والقصر، و ((المستعان)): [اسم من الأسماء الحسنى] أي أطلب منك وحدك لي العون، على [أموري كلِّها: في
الدين، والدنيا، والآخرة، فأنت الذي تعين على هذه الأمور وغيرها، وتجيب دعواتي].
75 - ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي)) [2]. [1] تحفة الذاكرين، ص 453. [2] أبو داود، أبواب الوتر، باب في الاستعاذة، برقم 1551، والترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا أحمد بن منيع، برقم 3492، والنسائي، كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من شر السمع والبصر، برقم 5470، وفي السنن الكبرى له، 4/ 446، ومسند أحمد، 24/ 304، برقم 15541، وغيرهم. وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/ 166، وصحيح النسائي، 3/ 1108.