الإيمان الراسخ الذي لا شك فيه ولا ريب، وهو أعلى الدرجات كما سبق، وليس شيء من الدنيا يهنأ لصاحبه إلا مع العافية، وهي الأمن والصحة، وفراغ القلب من كل مكروه، فجمع أمر الدنيا كله في كلمة، والآخرة في كلمة)) [1].
وأختم لك بشرح نفيس للعلامة الشوكاني رحمه اللَّه فقد قال: ((العافية: دفاع اللَّه - سبحانه وتعالى - عن العبد، فقوله [2]: دفاع اللَّه تعالى عن العبد، يفيد أن العافية: جميع ما يدفعه اللَّه تعالى عن العبد من البلايا والمحن كائنة ما كان.
ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: ((فإن أحداً لم يُعطَ بعد اليقين خيراً من العافية))، سأل النبي ربه - سبحانه وتعالى - أن يرزقه العفو الذي هو
العمدة في الفوز بدار المعاد، ثم سأله أن يرزقه العافية التي هي العمدة في صلاح أمور الدنيا والسلامة من شرورها ومحنها، فكان هذا الدعاء من الكلم الجوامع، والفوائد، والنوافع.
ثم علق رحمه اللَّه على الأحاديث التي ذكرناها سابقاً فقال: ((إن الدعاء بالعافية أحب إلى اللَّه - سبحانه وتعالى - من كل دعاء كائناً ما كان، كما يفيده هذا العموم، وتدلّ عليه هذه الكلية, فجمع هذا الدعاء بهذه الكلمة بين ثلاث مزايا:
أولها: شموله لخيري الدنيا والآخرة. [1] فيض القدير، 4/ 106. [2] أي عن صاحب (الصحاح).