ففي هذه الاستعاذة بيان ودلالة ((إلى أن ما يصيب العبد من الشرِّ إنما هو بسبب ما عملته يداه، أو بسبب ما عملته أيدي الناس، وإن لم يكن هو العامل المباشر، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [1]، وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعِقَابِ} [2]، وفي هذا دلالة على ضعف الإنسان، وشدة افتقاره إلى مولاه وخالقه - عز وجل -، في إصلاح شؤونه، واستقامة أموره، والوقاية من شرور نفسه، وسيئات أعماله، وأنه لا غنى له عن ربه - عز وجل - وسيده طرفة عين، وأنه ينبغي له دائماً السير على هذا المنوال، حتى يظفر برضا ربه - عز وجل -، ولا يخفى عليك يا عبد اللَّه في أهمية هذه
الدعوة الطيبة لما أخبرت به أمُّنا أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن هذه الدعوة كانت أكثر ما كان يدعو بها - صلى الله عليه وسلم -، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر.
64 - ((اللَّهُمَّ أكْثِرْ مَالِي، وَوَلَدِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أعْطَيْتَنِي)) [3]، (([وَأطِلْ حَيَاتِي عَلَى طَاعَتِكَ، وَأحْسِنْ [1] سورة الشورى، الآية: 30. [2] سورة الأنفال، الآية: 25. [3] يدل عليه دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنس: ((اللهمّ أكثر ماله، وولده وبارك له فيما أعطيته)) البخاري، كتاب الصوم، باب من زار قوماً فلم يفطر عندهم، برقم 1982، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة، والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات، برقم 660.