أي أن فتنة المسلم عن دينه حتى يرجع إلى الكفر بعد إيمانه أكبر عند اللَّه من القتل، وإزهاق النفس.
وقولهم: {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا}: بعد أن سألوا اللَّه تعالى أن يصلح لهم دينهم في معاشهم، سألوه تعالى ما يصلح لهم أمورهم في آخرتهم: أي: واستر ذنوبنا فيما بيننا وبين غيرك، وتجاوز عنها فيما بيننا وبينك.
((وفي تكرار النداء بقولهم: {رَبَّنَا} إظهار للمبالغة في التضرع مع كل دعوة من الدعوات الثلاث)) [1]، وهذا يدلّ على شدّة إخلاصهم في دينهم، وكثرة توسّلهم إلى اللَّه تعالى في مطلوبهم.
{إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}: ثم بيّنوا علّة سؤالهم له تبارك وتعالى تأكيداً وتحقيقاً بأنه تعالى هو: {الْعَزِيزُ}: الغالب الذي لا يُغلب، ولا يُذلُّ من لاذ بجنابه جلّ وعلا.
{الْحَكِيمُ}: أي أنت الحكيم في أقوالك، وأفعالك، وشرعك، وقدرك، فتضع الأشياء في محلها، ((واقتران العزيز بالحكيم يدلّ على كمال آخر غير كمال كل اسم بمفرده، وذلك: أن عزته جلّ وعلا مقرونة بالحكمة، فلا تقتضي ظلماً وجوراً وسوءاً، كما في المخلوقين قد تأخذه العزّة بالإثم فيظلم، وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونة بالعزّ الكامل، بخلاف المخلوق، فإن حكمته قد [1] تفسير ابن عاشور، 28/ 13 بتصرف يسير.