أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} [1]؛ ولأن بالشكر تدوم النعم {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [2]، فقد وفّى خليل الرحمن بهذه النعمة خير التمام، حيث قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [3]، أكد الجملة بـ (إنَّ) [4]، و (اللام) للدعاء، والإجابة، أي وهب اللَّه لي على الكبر إسماعيل، وإسحاق؛ لأنه تعالى سميع الدعاء، وهذه هي عادة اللَّه تبارك وتعالى مع الصادقين السائلين أن يجيبهم، ويؤتيهم سؤلهم؛ لأنه - جل جلاله - مجيب لمن دعاه، كما دلّ قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ} ((بالفاء التي تفيد التعقيب والترتيب والسببية، أي فبسبب دعائه ببشارته)) [5]، ودلّت هذه البشارة أنها جاءت عقب الدعاء مباشرة، كما دلّ على ذلك بـ (الفاء) التي تدلّ على التعقيب دون مهلة، وهذا يدلّ على عظم شأن الدعاء، فما استجلبت النعم، ودفعت النقم بمثله.
تضمن هذا الدعاء من الفوائد:
1 - إن كل أحد وإن علا قدره من البشر مفتقر إلى اللَّه - عز وجل -، ومفتقر [1] سورة البقرة، الآية: 231. [2] سورة إبراهيم، الآية: 7. [3] سورة إبراهيم، الآية: 39. [4] (إن): هي حرف توكيد، تنصب الاسم، وترفع الخبر، وكذلك أنها تفيد العليّة كما صرح بذلك الأصوليون. انظر: القياس في القرآن الكريم والسنة النبوية، وليد الحسيني. [5] تفسير سورة الصافات للعلامة ابن عثيمين رحمه الله، ص 234.