سنُّوا هذا الفعل لمن بعدهم، وإنما وصفهم (بالْمُفْسِدِينَ): مبالغة في استنزال العذاب عليهم، وقد بيَّن اللَّه تعالى لنا في كيفية هلاكهم: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [1]، فكما قلبوا فطرتهم، قلب اللَّه - عز وجل - أجسادهم وبيوتهم جزاءً وفاقاً.
وفي هذا القصص عبرة للعباد، وإرشاد إلى الاعتصام باللَّه تعالى في سؤال اللَّه العصمة، والاستعاذة به - عز وجل - من المنكرات المضلَّة التي تُفسد القلب، والعقل، والجسم، والفطرة السليمة.
تضمنت هذه الدعوة المباركة من الفوائد الكثيرة:
1 - لا عاصم على الإطلاق إلا اللَّه تبارك وتعالى.
2 - أن الداعي ينبغي له أن يجانب مصاحبة المفسدين، حتى لا يصيبه ما أصابهم، وأن يستعين باللَّه في دعائه كذلك عليهم.
3 - أهمية التوسّل إلى اللَّه بالدعاء على المفسدين، كما أفاد لفظ (انْصُرْنِي)، ولم يقل (أعذني) دلالة على شدة خطورتهم، وأنه من عُصِمَ منهم فقد نُصِرَ نَصْراً مُؤزَّراً من اللَّه جلّ شأنه.
42 - {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [2].
الصلاح: ((ضد الفساد، وهما مختصّان في أكثر الاستعمال بالأفعال، وقُوبل في القرآن تارة بالفساد، وتارة بالسيئة، قال تعالى: [1] سورة الحجر، الآية: 74. [2] سورة الصافات، الآية: 100.