فلقد أعطى اللَّه تعالى سليمان - عليه السلام - النبوة والملك، وعُلِّم منطق الطير، فكان شاكراً لأنعم اللَّه عليه.
فقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}: أي ألهمني، ووفقني لشكر نعمائك، وأفضالك عليَّ بالنعم الكثيرة التي لا تُعَدُّ، ولا تُحصى، فتضمّن سؤال اللَّه تعالى التوفيق لملازمة شكره على الدوام.
{وَعَلَى وَالِدَيَّ}: ((أدرج فيه والديه تكثيراً للنعمة؛ فإن الإنعام عليهما إنعام عليه من وجه مستوجب الشكر، أو تعميماً لها)) [1]، فإن النعمة عليه يرجع نفعها إليهما كذلك.
لهذا سأل ربه تبارك وتعالى التوفيق للقيام بشكر نعمه الدينية، والدنيوية، وهذا من كمال الشكر وأحسنه؛ فإن النعم من اللَّه على عبده المؤمن لا تُعَدّ ولا تحصى, والتي أعظمها نعمة الإسلام التي مغبون فيها كثير من الناس.
{وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}: صالحاً - بالتنوين والتنكير-: للتفخيم والتكثير، فسأل اللَّه تعالى التوفيق بالقيام بالأعمال الجليلة والكثيرة التي تستوجب رضاه الذي هو أمنية كل مؤمن، فإن تمام الشكر وأكمله، أن يكون باللسان، والقلب، والأركان.
وقوله: {تَرْضَاهُ}: فيه نكتة مهمة: أن ليس كل عمل يعمله العبد [1] الألوسي، 11/ 269.