وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [1]، وقد بينا بذلك ما جاء في معناها وما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسيرها [2].
وقوله: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}: ثم ذكروا علّة هذا السؤال: أن عذابها كان شرّاً دائماً، وهلاكاً غير مفارق لمن عُذِّب به، فغراماً ملازماً دائماً بمنزلة الغريم لغريمه: كملازمة الدائن للمديون من حيث لا يفارقه بإلحاحه ومطالبته؛ و ((لهذا قال الحسن: كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام، وإنما الغرام: الملازم ما دامت السموات والأرض)) [3].
وقوله تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}: أي بئس المنزل منظراً، وبئس المقيم مقاماً، هذا منهم على وجه التضرّع والخوف، يستفرغون نهاية الوسع في سؤالهم من النجاة منها، وكأنهم على كمال صفاتهم غارقون في المعاصي والآثام.
ولا يخفى في أهمية الاستعاذة من النار، حيث صدَّروا استعاذتهم بها؛ لأنها أشدّ شرّاً توعد اللَّه به، وفي هذه الدعوات بيان أن الداعي يحسن له أن يذكر سبب ما يدعوه {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}. [1] سورة المؤمنون، الآية: 60. [2] تقدم التعليق وتفسير هذه الآية في الدعاء الثالث من هذا الكتاب. [3] تفسير ابن كثير، 3/ 446.