فيه به بعقوبتك إيَّانا عليه، (وَتَرْحَمْنَا): بتعطّفك علينا، وتركك أخذنا به: {لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: لنكوننّ من الهالكين [1]، استدلّ بالآية أن الصغائر يعاقب عليها مع اجتناب الكبائر إن لم تغفر [2]، فغفر اللَّه لهما ذلك: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [3]، وهذه سنّة اللَّه تعالى التي لا تتغير في الصادقين المسرعين في توبتهم إليه بالعفو، والتجاوز، والصفح، وإن كان الذنب عظيماً.
قال ابن كثير رحمه اللَّه: ((وهذا اعتراف، ورجوع، وإنابة، وتذلل، وخضوع، واستكانة، وافتقار إليه تعالى، وهذا السرّ ما سرى في أحد من ذرّيته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه)) [4].
((فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم، والإقلاع، إذا صدرت منه الذنوب، اجتباه ربّه وهداه، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب، لا يزال يزداد من المعاصي؛ فإنه لا يزداد من اللَّه تعالى إلاّ بُعداً)) [5].
وفي تقديم طلب المغفرة على الرحمة دلالة دقيقة على أن [1] جامع البيان (تفسير الطبري)، 3/ 427. [2] تفسير أبي السعود، 2/ 486. [3] سورة طه، الآيتان: 121 - 122. [4] البداية والنهاية، 1/ 184. [5] تفسير ابن سعدي، 3/ 13.