علينا، توسلوا بسابق إحسانه وإنعامه بعد التوسل بربوبيته دلالة على أهمية مطلبهم لربهم، وأنهم في تضرع كبير لهذا المطلب المهم، لا كالذين أزاغ اللَّه قلوبهم من اتباع المتشابه في القرآن ابتغاء الفتنة، فهم ضلوا وأضلوا، والعياذ باللَّه، أما العلماء فقد اهتدوا وهدوا.
فتضمّن هذا المطلب الجليل سؤال اللَّه تعالى الثبات على الدين القويم، والصراط المستقيم الذي عليه النجاة في يوم الدين، ولا يكون ذلك إلا بالتوفيق من اللَّه تعالى رب العالمين.
لهذا كان أكثر دعاء نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم -: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)) [1]، وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ)) [2].
{وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً}: ومن جميل تضرعهم وتوسلهم سألوا اللَّه تعالى بلفظ الهبة إشارة إلى أن ذلك منه تعالى تفضل محض دون شائبة وجوب عليه - سبحانه وتعالى - [3].
وسألوا ربهم {رَحْمَةً} بالتنوين والتنكير دلالة على التفخيم [1] سنن الترمذي، كتاب القدر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم 2140، وسنن النسائي الكبرى، كتاب صفة الصلاة، باب الاستغفار بعد التسليم، برقم 7690، ومسند الإمام أحمد، برقم 12207، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2140. [2] صحيح مسلم، كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف يشاء، برقم 2654. [3] روح المعاني، 3/ 146.