نام کتاب : فصول في الدعوة والإصلاح نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 171
أصبح التلميذ يفهم جانباً كبيراً من حقائق الدين في هاتين الساعتين فقط، ومَن نظر في كتب الدين التي كانت مقرَّرة في الشام مثلاً إلى ما قبل خمس سنوات (فما أعرف ما جَدَّ فيها بعد ذلك) رأى أن هذه الكتب تستوفي الكلام على الإيمان، والعبادات، والأخلاق الإسلامية، والقواعد الفقهية، مع ما تشتمل عليه من تصحيح أوضاع المجتمع وفق الإسلام وتطبيق الدين على أحوال العصر، وكل ذلك بأسلوب واضح مشرق جَلِيّ يرغب فيه التلاميذ. والفضل في ذلك لشاب لو كُلِّفتُ أن أختار خمسة من خير من عرفت من شباب المسلمين في هذا العصر لذكرته في رأس الخمسة، شاب كان مفتشاً لعلوم الدين، فعمل في صمت ودأب، وجاهد بإخلاص واحتساب، وصبر على المقاومة وعلى الأذى، وكان يستعين بهذا الدأب وهذا الصبر وبما أوتي من لين القول وحسن الخلق، حتى حقق الله على يديه هذا كله. وأنا أحب أن أسمّيه دلالة عليه، وهو الأستاذ عبد الرحمن الباني [1]. [1] ذكره في «الذكريات» غير مرة، ففي أخبار سنة 1929 (في الحلقة الرابعة والثلاثين) قال: "ودرّست في «الجوهرية»، وكان من تلاميذي فيها واحد نبغ حتى صار من شيوخ التعليم ومن العلماء، وأمضى شطراً من عمره موجِّهاً للمدرّسين مشرفاً على وضع المناهج وتأليف الكتب في العلوم الدينية، لأنه كان مفتّش التربية الدينية في وزارة المعارف، هو الأستاذ عبد الرحمن الباني". وحين رثى عبد الرحمن رأفت الباشا في الحلقة 207 قال: "وكان المفتّشَ العامّ للغة العربية في الشام يوم كان رَصيفه وسَمِيّه الأستاذ عبد الرحمن الباني مفتّشَ العلوم الدينية، فصنعا (صنع الله لهما) للدين وللعربية ما يبقى في الناس أثره وعند الله ثوابه" (مجاهد).
نام کتاب : فصول في الدعوة والإصلاح نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 171