نام کتاب : فصول في الدعوة والإصلاح نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 111
منتهياً عن المحرمات. وذاك يراه في الإقبال على العبادة وملازمة المساجد، ولا يعنيه بعد ذلك ما يكون من كيد خصوم الدين له وانصراف أبنائه عنه وفشوّ الضلالات فيهم. والمقلدُ الدّينُ عنده مذهبه الذي يقلده، والذي يتبع شيخاً يظن الدين ما يقوله هذا الشيخ وما يفعله، وثالث يرى الدين في ترك المذاهب والأخذ من الكتاب والسنة ولو كان الآخذ عامياً جاهلاً ... ومن يرى الدين في تكبير العمامة وتعريض اللحية وتطويل السبحة، ومن يرى الدين في صدق المعاملة والوفاء بالوعد وإن لم يُصَلِّ ولم يَصُم، ومن يراه في الصلاة والصيام ولو كان في معاملته الناس على غير ما يريد الإسلام.
وأنا أكرر القول إني لا أنكر أن إعفاء اللحية مثلاً من السنة وأن العبادة هي ركن الدين، وما أدعو إلى حلق اللحية أو تهوين شأن العبادة، معاذ الله؛ إنما قلت إن الإسلام واحد، ولكن إذا فتشت عن صوره في نفوس المنتسبين إليه وحَدِّه في عقولهم تجد صوراً مختلفات وحدوداً متباينات، بعضها باطل وكثير منها حق، ولكنه بعض الحق، يأخذ أصحابها أحكاماً فرعية أو آداباً من آداب الإسلام فيجعلونها هي الإسلام كله.
وهذه إذاعة «صوت الإسلام»، وأول ما يُطلب من محدّثيها تحديد الإسلام الحقيقي ورسم طريق الدعوة إليه.
إن مَرَدّ أخطائنا في الدعوة إلى أمرين؛ الأول: أننا نبدأ بالفرع قبل الأصل، والمهم قبل الأهم. الثاني: أننا نختلف على هذه الفروع، فنهمل الدعوة إلى الأصول.
نام کتاب : فصول في الدعوة والإصلاح نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 111