نفس الرب لا نهاية له في العظمة، والوصف والتسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه.
فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية، بل هي أعظم من ذلك وأجل، كان الثناء عليه بها كذلك؛ إذ هو تابع لها إخبارًا وإنشاء، وهذا المعنى ينتظم المعنى الأول من غير عكس.
وإذا كان إحسانه سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا؟
وفي الأثر: «إذا باركت لم يكن لبركتي منتهى». فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة؟
والرضا يستلزم المحبة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة.
والخلق يستلزم العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة، وكل ذلك داخل في رضا نفسه وصفة خلقه.
وقوله: «وزنة عرشه»، فيه إثبات للعرش، وإضافته إلى الرب سبحانه وتعالى، وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق، إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح، وهذا يرد على من يقول إن العرش ليس بثقيل ولا خفيف، وهذا لم يعرف العرش ولا قدره حق قدره.
فالتضعيف الأول للعدد والكمية، والثاني للصفة والكيفية، والثالث للعظم والثقل وليس للمقدار.
وقوله: «ومداد كلماته» هذا يعم الأقسام الثلاثة ويشملها، فإن مداد كلماته - سبحانه وتعالى - لا نهاية لقدره ولا لصفته ولا لعدده، قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ