نام کتاب : العودة إلى القرآن لماذا وكيف نویسنده : مجدي الهلالي جلد : 1 صفحه : 25
والأمر اللافت للانتباه أن القرآن كثيرا ما يصف الدنيا بأوصاف منفرة، مع بيان حقيقتها، لتخرج من قلوب الناس ولا يتعلقوا بها، فحب الدنيا رأس كل خطيئة، ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].
وقوله: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 45 - 46].
الجانب السادس
معرفة السنن والقوانين الحاكمة للكون والحياة
ما من ملك أو رئيس لدولة إلا ويحكم شعبه من خلال قوانين تنظم حياتهم، وتُعرفهم حقوقهم وواجباتهم .. والفرد الذي يريد العيش في سلام عليه أن يعرف هذه القوانين جيدا حتى يقوم بواجباته ويُطالب بحقوقه ..
هذا مع البشر، وفي حيِّز ضيق، فكيف بمالك الملك .. رب الأرض والسماء؟!
وكيف بمن حرَّم الظلم على نفسه؟ وكيف بمن جعل قيام السماوات والأرض بالحق؟
قال تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الجاثية: 22].
فقيام السماوات والأرض بالحق يعني ضمن ما يعني: تسييرها بنظام لا يتغير، ولا يتبدل، وهو ما يُعرف بالسُنن، قال تعالى: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43]. فالله عز وجل يُنظم الحياة على الأرض بقوانين تسري على الجميع .. هذه القوانين تنقسم إلى قسمين: مادية، واجتماعية.
القوانين المادية:
فالقوانين المادية تلك التي تنظم حركة المادة في الكون .. كتبديل الليل والنهار، والفصول الأربعة، وكحركة القمر الشهرية، والأطوار التي يمر بها الجنين في بطن أمه.
قال تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 20 - 23].
ومنها أيضا وظائف أعضاء الجسم، حيث الحركة المنضبطة للسوائل، والهرمونات، والأجهزة المختلفة كجهاز المناعة، والتنفس، والتمثيل الغذائي، والإخراج، والدورة الدموية .. كل هذه الأشياء تتحرك وفق نظام لا يتغير بتغير رغبة الناس وأمزجتهم، يقول تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71].
هذا بالنسبة للقوانين المادية والتي لا يختلف على وجودها اثنان، بل لقد استطاع الكثير من الكفار أن يستفيدوا منها أكثر من المسلمين لسعيهم الدءوب لاكتشافها، والانتفاع بها، وذلك لأن الله عز وجل قد جعل الأرض سواء للسائلين، فمن أحسن سعيه واجتهد في اكتشاف قوانينها وصل إلى كنوزها التي أودعها ربها فيها:
قال تعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10].
القوانين الاجتماعية:
أما القوانين الاجتماعية فهي القوانين التي تنظم حياة الناس وينتج عنها سعادتهم أو شقاؤهم، وهي كالمادية لا تتغير ولا تتبدل، وتنطبق على الأفراد كما تنطبق على الأمم، ومعرفتها من الأهمية بمكان لتحقيق السعادة للفرد، والريادة للأمة الإسلامية.
ونظرا للدور الخطير الذي تقوم به هذه القوانين فلقد أكثر القرآن من ذكرها، وأعطى نماذج كثيرة من تطبيقاتها.
نام کتاب : العودة إلى القرآن لماذا وكيف نویسنده : مجدي الهلالي جلد : 1 صفحه : 25