نام کتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب نویسنده : محمد نصر الدين محمد عويضة جلد : 1 صفحه : 351
إن عمر هو نصح أبي بكر الأخير للأمة، فقد أبصر الدنيا مقبلة تتهادى وفي قومه فاقة قديمة يعرفها، فإذا ما أطلوا لها استشرفتهم شهواتها، فنكلت بهم واستبدت، وذاك ما حذرهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إياه [1]، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فو الله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بُسِطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم [2]. لقد أبصر أبو بكر الداء فأتى لهم - رضي الله عنه - بدوء ناجع .. جبل شاهق، إذا ما رأته الدنيا أيست وولت عنهم مدبرة، إنه الرجل الذي قال فيه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده مالقيك الشيطان سالكا فجاً قط إلا سلك فجّاً غير فجّك [3]. إن الأحداث الجسام التي مرت بالأمة، قد بدأت بقتل عمر، هذه القواصم خير شاهد على فراسة أبي بكر وصدق رؤيته في العهد لعمر، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: أفرس الناس ثلاثة صاحبة موسى التي قالت: يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين، وصاحب يوسف حيث قال: أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا، وأبو بكر حين استخلف عمر [4]، فقد كان عمر هو سد الأمة المنيع الذي حال بينها وبين أمواج الفتن [5].
ما وقع بين أبي بكر وبين عبد الرحمن وعثمان في إستخلاف عمر:
وسمع بعض أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدخول عبد الرحمن، وعثمان على أبي بكر ـ رضي الله عنهم ـ وخَلْوتهما به، فدخلوا على أبي بكر فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن إستخلافك عمر علينا وقد ترى غِلظته؟ فقال أبو بكر: أجلسوني، أبالله تُخوِّقوني، خاب من تزوَّد من أمركم بظلم أقول: اللهم إستخلفت عليهم خير أهلك. أبلغ عني ما قلت لك مَنْ وراءك، ثم اضطجع ودعا عثمان بن عفان، فقال أكتب: [1] أبوبكر رجل الدولة، ص99. [2] البخاري، كتاب الجزية والموادعة رقم 3158. [3] البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي رقم 3683 [4] مجمع الزوائد (10/ 268) قال الهيثمي رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح، وأخرجه الحاكم (3/ 90) وصححه ووافقه الذهبي. [5] أبوبكر رجل الدولة، ص100.
نام کتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب نویسنده : محمد نصر الدين محمد عويضة جلد : 1 صفحه : 351