نام کتاب : نظرات في التربية الإيمانية نویسنده : مجدي الهلالي جلد : 1 صفحه : 67
وقيل لابن أبي مُليكة: «يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع» [1].
ويؤكد ابن حجر العسقلاني على هذا المعنى فيقول:
والذي يتحصل من الأدلة أن حُسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسنًا فليحسنه ما استطاع [2].
ويقول الجيوسي في كتابه «التعبير القرآني والدلالة النفسية»:
القرآن الكريم كتابٌ لا كأي كتاب، فهو يُتلى بطريقة مرتبة، على أصول منظمة، يجب أن تُراعى فيه قواعد القراءة وأصول الأداء، وهذا مما اختص به القرآن الكريم على سائر الكتب، وورود الأمر بذلك في الآيات الأولى من مرحلة نزول القرآن {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: [4]].
ولا شك أن هناك قواعد تتصل بالأداء القرآني لابد من مراعاتها كأحكام التجويد، فالتجويد هو التحسين.
هذه الأحكام التي ينبغي لقارئ القرآن أن يُراعيها هي في حقيقة الأمر أحد أسرار ذلك الإيقاع الذي يشدُّ الأسماع إليه، لا تكاد تخلو آية من حُكم ما بين غُنّة أو مدّ أو إخفاء، أو غير ذلك من الأحكام التي تفرض على السامع لونًا معينًا لا يعهده في الكلام الاعتيادي، وإذا ما علمنا أن قراءة القرآن ينبغي أن تكون بالترتيل وبمراعاة هذه الأحكام، أدركنا أن ذلك سرٌّ كامنٌ في كتاب الله، هذا الذي يجعل النفس تنجذب إليه [3].
فإذا ما اقترن ذلك بحضور العقل وتفهُّمه للخطاب كان الأثر عظيمًا على القلب كحال وفد نصارى نجران عندما استمعوا للقرآن {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83].
وجدير بالذكر أن (التغني بالقرآن هو تحسين الصوت بقراءة القرآن، بخلاف الغناء المعروف في زماننا، فالقصد من هذا الغناء أن يطرب ويُطرب غيره لا ليتعظ ويعتبر، فالتغني بالقرآن إذًا هو: استماع المتكلم لما يُتَكلم به، مترنمًا بالنطق، مستحبًّا له، مستلمحًا مستطيبًا للكلمات، ذوقًا لها ولمعانيها) [4].
ويؤكد الحافظ ابن كثير على هذا المعنى فيقول:
والغرض أن المطلوب شرعًا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه، والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان، والأوضاع المُلهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن يُنزَّه عن ذلك [5].
أهمية المداومة على تلاوة القرآن:
القرآن يُخاطب العقل فيُقنعه، ويضغط على المشاعر فيستثيرها، لينشأ بذلك الإيمان - بإذن الله -، فيُثمر ذلك الإيمان مزيدًا من العبودية لله عز وجل {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 27، 28].
والقرآن يعرض جميع الحقائق التي ينبغي الإيمان بها، وعلى رأسها الإيمان بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته.
والإيمان الذي يحدثه القرآن يتناول جميع المشاعر، فإذا ما داوم المرء على تلاوته، وأعطاه وقتًا معتبرًا من يومه فإن هذا من شأنه أن يزيده إيمانًا، وهكذا تستمر زيادة الإيمان حتى تستقر وترسخ في المشاعر، وتكون له اليد الطولى بها، وباستمرار التلاوة يزداد الترقي الإيماني، ويزداد ظهور ثمار الإيمان. [1] أخرجه أبو داود (1/ 548 برقم 1473)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله: حسن صحيح. [2] فتح الباري (9/ 72). [3] التعبير القرآني والدلالة النفسية، لعبد الله الجيوسي ص (164، 165) باختصار وتصرف يسير، دار الغوثاني - سوريا. [4] المصدر السابق ص 168. [5] فضائل القرآن لابن كثير (1/ 114).
نام کتاب : نظرات في التربية الإيمانية نویسنده : مجدي الهلالي جلد : 1 صفحه : 67