بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث
(الأصل التاريخي للحسبة)
الحسبة نظام إسلامي أصيل
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد:
الأصل التاريخي للحسبة:
إن الواقع التاريخي والتشريعي لعمل المحتسب يبيِّن أن الحسبة نظام إسلامي أصيل بدأ مع نزول النصوص الشرعية التي جاءت تأمر وتحث على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونظام الحسبة هو الجهاز الرقابي الذي بدأ العمل به في تاريخنا الإسلامي؛ للنهوض بمستوى المجتمع الإسلامي دينيًّا، وحضاريًّا، وأخلاقيًّا، وإداريًّا، وتربويًّا، وصحيًّا، ويرجع ذلك على عصر النبوة؛ حيث تولاها النبي -صلى الله عليه وسل م- بنفسه، وفعلها خلفاؤه من بعده إلى أن أصبحت من النظم الإسلامية الأساسية في حكومة المسلمين.
ولذا نجزم بأن فكرة الحسبة بالمفهوم الفعلي قد ابتدأت مع البدايات الأولى لنشأة المجتمع الإسلامي في المدينة النبوية؛ حيث كان من حق أي مسلم أن يمارس الحسبة فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولكن هل الحسبة بشكلها الإداري المنظم بدأت بنشأة أول حكومة إسلامية، أي: في عهد النبي -صلى الله عليه وسل م- أم بعد ذلك؟
يرى بعض المؤرخين أن الحسبة كنظام حكومي من الوظائف التي نشأت في العصر العباسي، فقد ذكر الطبري في أحداث عامة مائة وستة وأربعين حين ولى المنصور أبا زكريا يحيى بن عبد الله حسبة بغداد في الأسواق سنة مائة وسبع وخمسين، وهناك رأي يقول: إنه ربما حدث ذلك التنظيم للحسبة في العهد الأموي، لكن هذا القول فيما نعلم لا يستند إلى ما يُوثقه، أما تنظيمها كولاية في العهد العباسي، فهذا شيء مؤكد.
واختلفت أقول بعض من تعرضوا لتنظيم ولاية الحسبة، فبينما يراها البعض مؤسسة إدارية، يرى مؤلف آخر أنها نظام استخدم من أجل تطبيق المبدأ الإسلامي