وسؤال أطرحه قبل أن أدخل إلى صلب مادة هذا العنصر وهو: ما دور العلم في صياغة شخصية المُتعلم؟ ومن الإجابة على هذا السؤال ننطلق إلى ما نريد أن نقرره من ضرورة الاستفادة من المؤسسات التعليمية في مساندة عمل المحتسب داخل المجتمع.
وبداية أقول: لا بد أن نعرف أن التعليم -لا سيما في الصغر- يعتبر صياغة وتشكيل تشكل على أساسها ذهنية المتعلم، وهذا أمر من البداهة بمكان، لا نحتاج معه إلى شرح ودليل كلامي، هذا من واقع الناس اليوم، فما هؤلاء الذين تعلموا الباطل من زندقة، وانحراف، وضلال، وكفر، وإلحاد، ثم أصبحوا يدعون إليهن ويجادلون من أجله، ولم يعملوا عقولهم قبل عواطفهم وميولهم.
ما هؤلاء إلا مواد مصنعة متحركة، شكلت على ما تدعو إليه، وتدافع عنه من الباطل، وكان ذلك بالتعليم الذي غرس في أذهان أصحابها في الصغر، فأصبح بمثابة العقيدة التي يعادون عليها، ويوالون. وهنا في الحقيقة تكمن خطورة التعليم، فعملية التعليم لا سيما في الصغر عملية حساسة وفعالة في الوقت نفسه، ودليلنا على أن عملية التعليم خطيرة إلى حد تغيير فطرة الإنسان: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)).
أي: أنّ تعليمهما له بما هما عليه من الكفر والضلال كان سببًا في أن تشكلت عقليته وعقيدته على ما يريدان.