لأن ذلك أدعى إلى الفهم والتقبل، قال الله -عز وجل-: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (إبراهيم: 4).
ولذا كانت رسالة الإسلام الخالدة تفتتح بمفتاح العلم، وهو القراءة إذ كانت أول الآيات التي نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قول الله -تبارك وتعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق:1: 5).
وعلى هذا فقد جاء في تفسير (أضواء البيان) للشنقيطي -رحمة الله عليه- نقلًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن هذه السورة وأمثالها من السور فيها العجائب، وذلك لما جاء فيها من التأسيس لافتتاحية تلك الرسالة العظيمة، ولا نستطيع إيفاءها حقها عجزًا وقصورًا".
وأنا أقول ذلك، فإن المتكلم عن العلم وفضله يحتاج إلى مجلدات، ولكن وبحمد الله فقد حظي ذلك باهتمام علماء الأمة سلفًا وخلفًا، وألفت مئات الكتب، بل ألوفها في العلم وفضله، ومنزلته ومكانته في الإسلام، وكيف اهتم الإسلام به؛ إذ عليه مدار نشر الرسالة وبقاؤها، وصفاؤها من كل شائبة، والعلماء -بلا شك- هم الذين يقومون بدور الأنبياء في إبلاغ العلم إلى الناس بعد قبض الأنبياء؛ فقد قال البخاري -رحمه الله- تحت باب العلم قبل القول والعمل: "وإن العلماء ورثة الأنبياء، ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر، ومن سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، بل ورفع الله منزلة العلماء الذين ينشرون الرسالة بالعلم، فقال -عز وجل-: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر: 9). وقال -عز وجل-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28).