رابعًا: التشهير: والتشهير كالهجر عقوبة معنوية أكثر من كونها بدنية، والمقصود منها: التسميع بالمذنب والمخالف، والمناداة عليه بما ارتكب من الذنب. وقد يلجأ إليها إذا لم تجدي الوسائل السابقة، وقد يلجأ إليها المحتسب كإجراء أولي وفي ظروف خاصة.
وكان الولاة المحتسبون السابقون عندما يريدون التشهير بالمذنب يركبونه حمارًا أو جملًا، ويلبسونه الطرطور، ويدار به في السوق، ويؤمر من يطوف به أن يقول: هذا فلان قد فعل كذا فاحذروه. وقد فعل هذه الوسيلة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بشاهدي الزور؛ حيث أركبهما ركوبًا مقلوبًا، وسود وجهيهما.
خامسًا: الغرامة المالية: وقد يستخدمها المحتسب في حالات معينة، لا سيما في إتلاف بعض المحرمات من آلات طرب وخمور بآنيتها وما إلى ذلك، وذلك مشروع كما يقول ابن قيم الجوزية -رحمة الله عليه- في مواضع مخصوصة في مذهب مالك، وأحمد، وأحد قولي الشافعي. وقد جاءت السنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعن أصحابه في مواضع، ونذكر منها: إباحته -صلى الله عليه وسلم- سلب من يصطاد في حرم المدينة لمن وجده.
ومثل أمره -صلى الله عليه وسلم- بكسر دينان الخمر، وشق ظلوفها، ومثل أخذه شطر مال مانع الزكاة، كما في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في الصدقات: ((من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا)).
وقد عزسر عمر -رضي الله عنه- بذلك بإحراقه حانوت رويشد الثقفي الذي كان يباع فيه الخمر، وقال له: إنما أنت فويسق ولست برويشد.