ونظام الأمان يتسع لكل أنواع الحماية والرعاية المعروفة حديثًا لشخصٍ أجنبي وماله في بلاد الإسلام، أو لعقد الصلات السلمية وغيرها، وكانت فكرة الأمان من الأسس المهمة لتدعيم السلام؛ فمثلًا: كان إعطاء الأمان لوفود المسيحية في الحروب الصليبية -نتيجة التسامح الإسلامي- كان يعتبر كأساس للمعاملات الدولية، والأصل في مشروعية الأمان قول الله -تبارك وتعالى-: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (التوبة: من الآية: 6).
قال ابن كثير -في تفسير الآية-: والغرض أن من قدم من دار الحرب في أداء رسالة، أو تجارة، أو طلب صلح، أو مهادنة، أو نحو ذلك من الأسباب، وطلب من الإمام، أو نائبه أمانًا؛ يعطى له ما دام مترددًا في دار الإسلام؛ حتى يرجع إلى داره ومأمنه.
وقد كان المشركون يطلبون لقاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأجل الكلام في الصلح، وغيره من مصالح دنياهم.
تأمين الرسل، والسفراء في الإٍسلام: لقد كفل الإسلام للرسل، والسفراء مختلف أنواع الحماية والرعاية والحصانة والتكريم؛ حتى وإن أرسلوا للمسلمين؛ ليتمكنوا من أداء مهمتهم، ويحققوا الخير والسلام للعالم، وذلك بنص القرآن الكريم في آية التوبة السابق ذكرها: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} وأيضًا ثبت ذلك بالسنة القولية، والعملية؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل رسل مسيلمة الكذاب، وقال: ((لو كنت قاتلًا رسولًا؛ لقتلتكم)).
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ((فمضت السنة -أي: جرت السنة- أن الرسل لا تقتل)) وقد رد النبي -صلى الله عليه وسلم- مبعوث قريش إليه، بالرغم من إعلان إسلامه بمجرد