فالإسلام ليس من أهدافه أن يفرض نفسه على الناس فرضًا، حتى يكون هو الديانة الوحيدة؛ لأن أية محاولة من هذا النوع هي محاولة فاشلة، بل هي مقاومة لسنة الوجود، ومعاندة لإرادة رب الوجود.
وهناك حقائق غرسها الإسلام في عقول متبعيه، جعلتهم يتسامحون في معاملاتهم مع مخالفيهم في الدين، هذه الحقائق تكمن في اعتقاد المسلم بكرامة الإنسان أيًّا كان دينه، أو جنسه، أو لونه، واعتقاده أن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى، واعتقاده أنه ليس مكلفًا بحساب الكافرين على كفرهم؛ لأن حسابهم إلى الله يوم الحساب، على أنه في النهاية يجب أن نلاحظ أن: مفهوم حرية العقيدة يختلف في الإسلام عنه في النظم المعاصرة اختلافًا كبيرًا؛ ذلك أن النظم المعاصرة تأخذ بمفهوم حرية العقيدة، بما يشمل حرية تغيير الدين، وحرية الارتداد عن الإسلام.
أما النظام الإسلامي فيفرِّق في هذا الصدد بين أمرين: الأول: حرية العقيدة ابتداءً، وهنا لا يجبر أحد على الدخول في دين الإسلام، فهنا الحرية مكفولة للجميع؛ الثاني: حرية الارتداد، بمعنى: الخروج عن الدين الإسلامي بعد الدخول فيه، وهذه الحرية لا يقرِّها الإسلام، ويعاقب على ممارستها أشد العقاب؛ فحرية العقيدة ابتداءً يَكْفُلُها الإسلام لجميع البشر أيًّا كانت ديانتهم، وأيًّا كان معتنقوها، لا فرق بين جنس وجنس.
ونتكلم الآن عن الخصائص التي تميزت بها الشريعة بشأن حرية العقيدة فنقول:
لما كانت العقيدة في الإسلام شيئًا معنويًّا، سبيله الأوحد: الإقناع، فهي لذلك لا تقبل الإكراه، والعقل هو الذي يقرر قبوله لها، فترسخ في القلوب، وليس