وكان الوالي يؤم المسلمين في المسجد الجامع بكل ولاية في صلاة الجمعة, والأعياد, بوصفه نائبًا عن الخليفة, ونال بذلك لقب أمير الصلاة, وهو تكريم يدل على هيبة الأمير؛ لأن إمامة الصلاة أمر كان يختص به الخلفاء, حيث تلقب الفرد منهم بلقب إمام, وتولى الأمير أيضًا رئاسة جيش الولاية, ونال في عهد التعيين لقب ولاية الحرب, وصار من واجباته الإشراف على شئون الحامية الموجودة في البلاد, وقيادتها بنفسه؛ لتأمين ولايته, وصد الأعداء عنه, وكان الأمير يجمع -أحيانًا وليس دائمًا- إلى جانب أعماله مهمةَ الإشراف على الإدارة المالية للولاية, التي أطلق عليها إذ ذاك اسم الخراج, ويعتبر مثل هذا الأمير مصدر السلطات في الولاية.
ووصف فقهاء النظم الإسلامية هذا اللون من التنظيم الإداري الأول على عهد عمر بن الخطاب بأنه إمارة عامة, ذلك أن الأمير كان يقود الجيش, ويؤم الصلاة, ويقضي في الخصومات, ويُجبِي الأموال, ولكن باستقرار الأوضاع عقب الفتوح, واتساع المطالب الإدارية, اضطر عمر بن الخطاب أن يعين إلى جانب الأمير عاملًا لجباية الخراج, وكان عامل الخراج يتمتع -بدوره- بسلطات واسعة, وبخاصة في الولايات ذات الدخل الواسع, وبذلك أصبح منافسًا للأمير نفسه, وأقدم عمر بن الخطاب على هذه الخطوة في مصر, حيث جعل عمرو بن العاص على الجيش, وعين عبدَ الله بن سعد بن أبي السرح على جباية الخراج, وتخصصت بذلك إمرةُ عمرو بن العاص بعد أن كانت عامة, وصارت الإمارة الخاصة تعني في قول الفقهاء أن يكون الأمير فيها مختصًّا بتدبير الجيش, وسياسة الرعية, وحماية البيضة, والدفاع عن الحريم, ضمن حدود معينة, وليس له أن