مقدمة عن الحقوق والحريات في النظام الإسلامي
وننتقل الآن -أبنائي وبناتي طلاب الدراسات العليا- إلى ركن آخر، أو إلى قاعدة أخرى من القواعد التي قام عليها النظام السياسي في الإسلام، وهذه القاعدة هي الحقوق والحريات في النظام الإسلامي:
تسعى الدول الحديثة إلى حماية الأفراد من عسف السلطة واعتدائها على حقوقهم، وذلك بتقرير مجموعة من الحقوق والحريات الفردية، التي تعتبر بمثابة حواجز منيعة أمام سلطان الدولة، لا يجوز لها أن تقتحمها أو أن تتخطاها، وإلا كانت دولةً موصومةً بالاستبداد وعدم الشرعية أو الدستورية.
والجدير بالذكر أن الحديث عن الحقوق والحريات الفردية في الدول الحديثة، لم يعرف إلا منذ قامت الثورة الفرنسية، وأصدرت ما يسمى بوثيقة إعلان حقوق الإنسان، وأعلنت فيها اعترافها بالحقوق الطبيعية للإنسان، التي تثبت له بصفته إنسانًا، والتي وجدت معه قبل وجود الدولة؛ ومن ثمّ فلا يجوز للدول تخطي أو تجاوز هذه الحقوق -كما ذكرنا.
ولقد اختلف مفهوم الحقوق والحريات الفردية في الدول الحديثة، بحسب ما تدين به من أنظمة فردية أو جماعية؛ ولذلك تنقسم هذه الحقوق إلى:
- حقوق فردية تقليدية تتقرر للإنسان بوصفه كائنًا مجردًا.
- وحقوق أخرى اجتماعية واقتصادية تتقرر للأفراد بوصفهم أعضاء في جماعة منظمة، وعلى الدولة أن تلتزم إيجابيًّا في مواجهة الأفراد، بالحفاظ على هذه الحقوق، ولا تكتفي بالالتزام السلبي الذي يحصر نشاطها في مجرد حفظ الأمة، والدفاع عن الوطن، وحماية مصالح الأفراد من الاعتداء عليها.