نام کتاب : الشورى فريضة إسلامية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 54
وفعلاً كان رأي أبي بكر في حرب المرتدين راياً مسدداً، وهو الرأي الذي تمليه طبيعة الموقف لمصلحة الإسلام والمسلمين، وأي موقف غيره سيكون فيه الفشل، والضيَّاع والهزيمة والرجوع إلى الجاهلية، ولولا الله، ثم هذا القرار الحاسم من أبي بكر لتغير وجه التاريخ، وتحّولت مسيرته، ورجعت عقارب الساعة إلى الوراء، ولعادت الجاهليَّة تعيث في الأرض فساداً [1].
لقد تجلى فهمه الدقيق للإسلام وشدّة غيرته على هذا الدين، وبقاؤه على ما كان عليه في عهد نبيَّه في الكلمة التي فاض بها لسانه ونطق بها جنانه، وهي الكلمة التي تساوي خطبة بليغة طويلة، وكتاباً حافلاً، وهي قوله عندما امتنع كثير من قبائل العرب أن يدفعوا الزكاة إلى بيت المال أو منعوها مطلقاً، وأنكروا فرضيتَّها: قد انقطع الوحي، وتمَّ الدين أينقص وأنا حيُّ؟ [2].
وفي رواية: قال عمر: فقلت: يا خليفة رسول الله تألَّف الناس فأرفق بهم. فقال لي: أجبار في الجاهلية خّوار في الإسلام قد انقطع الوحي، وتَّم الدَّين أينقص وأنا [3] حيُّ؟ لقد سمع أبو بكر وجهات نظر الصَّحابة في حرب المرتدَّين، وما عزم على خوض الحرب إلا بعد أن سمع وجهات النظر بوضوح إلا أنَّه كان سريع القرار، حاسم الرأي، فلم يتردَّد لحظة بعد ظهور الصَّواب له، وعدم التردُّد كان سمة بارزة من سمات أبي بكر هذا الخليفة العظيم - في حياته كلَّها، ولقد اقتنع المسلمون بصحَّة رأيه، ورجعوا إلى قوله، واستصوبوه لقد كان أبو بكر - رضي الله عنه - أبعد الصحابة نظراً، وأحقهم فهماً، وأربطهم جناناً في هذه الطامة العظيمة [4]، والمفاجأة المذهلة. [1] الشورى بين الأصالة والمعاصرة للتميمي ص 86. [2] المرتضى لأبي الحسن النَّدوي ص 70. [3] أبو بكر الصديق للصَّلاَّبي. [4] حركة الردة د. علي الغنوم ص 165.
نام کتاب : الشورى فريضة إسلامية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 54