responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 331
مكلم القوم وأن لا يجيبهم إلى شىء دعوه إليه إلا إلى إحدى هذه الخصال الثلاث.
وكان عبادة أسود طويلا، يقول ابن غفير: أدرك الإسلام من العرب عشرة، طول كل رجل منهم عشرة أشبار، أحدهم عبادة بن الصامت. فلما ركبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة فهابه المقوقس لسوداه، فقال: نحّوا عنى هذا الأسود، وقدموا غيره يكلمنى. فقالوا جميعا: إن هذا الأسود أفضلنا رأيا وعلما، وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا، وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورأيه، وقد أمره الأمير دوننا بما أمره به، وأمرنا أن لا نخالفه.
قال: وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم، وإنما ينبغى أن يكون دونكم؟.
قالوا: كلا، إنه وإن كان أسود كما ترى، فإنه من أفضلنا موضعا، وأفضلنا سابقة وعقلا ورأيا، وليس ينكر السواد فينا.
فقال له المقوقس: تقدم يا أسود وكلمنى برفق فإنى أهاب سوادك، وإن اشتد كلامك علىّ ازددت لذلك هيبة.
فتقدم إليه عبادة فقال: قد سمعت مقالتك، وإن فيمن خلفت من أصحابى ألف رجل كلهم أشد سوادا منى وأفظع منظرا، ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم منك لى، وأنا قد وليت وأدبر شبابى، وإنى مع ذلك، بحمد الله، ما أهاب مائة رجل من عدوى ولو استقبلونى جميعا، وكذلك أصحابى، وذلك أنا إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد فى الله واتباع رضوانه، وليس غزونا عدونا ممن حارب الله لرغبة فى دنيا، ولا طلبا للاستكثار منها، إلا أن الله، عز وجل، قد أحل لنا ذلك، وجعل ما غنمنا منه حلالا، وما يبالى أحدنا أكان له قنطار من الذهب أم كان لا يملك إلا درهما؛ لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعته لليله ونهاره، وشملة يلتحفها، فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه، وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه فى طاعة الله تعالى واقتصر على هذا الذى يتبلغ به ما كان فى الدنيا؛ لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء، إنما النعيم والرخاء فى الآخرة، وبذلك أمرنا ربنا، وأمرنا به نبينا، وعهد إلينا أن لا تكون همة أحدنا من الدنيا إلا ما يمسك جوعته، ويستر عورته، وتكون همته وشغله فى رضى ربه وجهاده عدوه.
فلما سمع المقوقس كلامه قال لمن حوله: هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قط؟ لقد هبت منظره، وإن قوله لأهيب عندى من منظره، وإن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض، ما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها. ثم أقبل على عبادة فقال: أيها

نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست