responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 308
ويأتزرون على أوساطهم، وأناجيلهم فى صدورهم، ويأكلون قربانهم فى بطونهم، ويؤخرون عليها، وتراحمهم بينهم تراحم بنى الأم والأب، وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم، وهم السابقون المقربون المشفعون المشفع لهم، فلما قرأت هذا قلت فى نفسى: والله ما علمنى أبى شيئا هو خير لى من هذا، فمكثت بذلك ما شاء الله، حتى بعث النبى صلى الله عليه وسلم وبينى وبينه بلاد بعيدة، منقطعة، لا أقدر على إتيانه، وبلغنى أنه خرج فى مكة، وهو يظهر مرة ويستخفى مرة، فقلت: هو هذا، وتخوفت ما كان والدى حذرنى وخوفنى من الكذابين، وجعلت أحب أتبين وأتثبت، فلم أزل بذلك حتى بلغنى أنه قد أتى المدينة، فقلت فى نفسى: إنى لأرجو أن يكون إياه، وجعلت ألتمس السبيل إليه، فلم يقدر لى حتى بلغنى أنه قد توفى صلوات الله عليه وسلامه.
فقلت فى نفسى: لعله لم يكن الذى كنت أظن، ثم بلغنى أن خليفته قام مقامه، ثم لم ألبث إلا قليلا حتى جاءتنا جنوده، فقلت فى نفسى: لا أدخل فى هذا الدين حتى أعلم أهم الذين كنت أرجو وأنتظر وأنظر كيف سيرتهم وأعمالهم وإلى ما تكون عاقبتهم، فلم أزل أدفع ذلك وأؤخر لأتبين وأتثبت حتى قدم علينا عمر بن الخطاب، فلما رأيت صلاة المسلمين وصيامهم وبرهم ووفاءهم بالعهد، وما صنع الله لهم على الأعداء، علمت أنهم هم الذين كنت أنتظر، فحدثت نفسى بالدخول فى الإسلام، فو الله إنى ذات ليلة فوق سطح لى، إذا رجل من المسلمين يتلو كتاب الله تعالى، حتى أتى على هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النساء: 47] .
قال: فلما سمعت هذه الآية خشيت والله ألا أصبح حتى يحول وجهى فى قفاى، فما كان شىء أحب إلىّ من الصباح، فغدوت على عمر، فأسلمت حين أصبحت.
وقال كعب لعمر عند انصرافه عن الشام: يا أمير المؤمنين، إنه مكتوب فى كتاب الله: إن هذه البلاد التى كان فيها بنو إسرائيل، وكانوا أهلها، مفتوحة على رجل من الصالحين، رحيم بالمؤمنين، شديد على الكافرين، سره مثل علانيته، وعلانيته مثل سره، وقوله لا يخالف فعله، والقريب والبعيد عنده فى الحق سواء، وأتباعه رهبان بالليل وأسد بالنهار، متراحمون متواصلون متباذلون.
فقال له عمر: ثكلتك أمك، أحق ما تقول؟ قال: أى والذى أنزل التوراة على موسى، والذى يسمع ما نقول، إنه لحق.

نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست